تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية
في ضوء معطيات المشهد الليبي ما بعد سقوط نظام القذافي، دخلت الدولة الليبية في أزمة شديدة التعقيد، نتيجة غياب النضج الوطني للنخب السياسية، وهو ما فتح الباب أمام الأطراف الدولية والإقليمية للتدخل في الشأن الليبي، الأمر الذي جعل من ليبيا ساحة من ساحات تصفية الصراعات الدولية ما أثر بشكل مباشر وصريح على مجريات الأحداث في المشهد الليبي، الذي يعيش حالة من الانقسام المجتمعي حول العديد من القضايا الجوهرية في تأسيس الدولة ونظام الحكم.
وفي سياق الانقسام الليبي، اقترح رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي أواخر الشهر الماضي، خلال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إنشاء مراكز أمنية من شأنها تسهيل التنسيق بين الدول في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وشدد بشكل خاص على ضرورة معالجة ظاهرة الاتجار بالبشر بطريقة منسقة.
وأكد المنفي ان “ليبيا، باعتبارها دولة عبور، تتحمّل عبئاً كبيراُ في هذا الصدد”، مشدداً على أن مكافحة الهجرة غير الشرعية تتطلب التزاماً مشتركاً بين دول الجوار، بالإضافة إلى إرساله خطاباً الى رئيس مجلس الأمن، مؤرخاً في 19 من سبتمبر، يطالب فيه بالدعم وتسهيل إنشاء مركز للتنسيق الأمني بقيادة ليبية.
ويقول مراقبون إن هذا الأمر يعتبر فرصة عظيمة لواشنطن لزيادة سيطرتها على الملف الليبي بغطاء من بعثة الأمم المتحدة، وذلك عبر حفاظها على وجودها العسكري في المنطقة، المتمثل بقوات الشركة الأمنية الأمريكية الخاصة أمينتوم غرب البلاد، بالإضافة إلى حشدها للمزيد من القوات العسكرية الجديدة في المنطقة بحجة تأمين إنشاء مراكز أمنية في ليبيا، الأمر الذي سيعجّل لاحقاً بانسحاب الأتراك والإيطاليين والروس من الساحة الليبية، ما يعني السيطرة الكامل لواشنطن على ليبيا.
هذا ويرى مختصون في الليبي أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول الوصول للنفوذ الكامل والهيمنة الاستراتيجية على ليبيا لتكون بوابة أمريكا لإفريقيا بعد خسارة دول أفريقية كبيرة، مشيرين إلى أن الجميع يَعي بأن هناك أطماعا كبيرة تجاه ليبيا، خاصة وأن ليبيا دولة مطلة على خمس حدود بالإضافة للكثير من المزايا التي تحظى بها، لذلك يراها الغرب بأنها هدف ومن الضروري أن تكون رهينة لهم، وأن أمريكا تسعى لخلق بيئة مناسبة لها حتى تستطيع أن تفرض مستقبلاً إنشاء قواعد أمريكية خاصة بعد الاتفاقية الأخيرة والتعاقد مع شركة أمريكية في المجال العسكري، وهذا مؤشر خطير على أن أمريكا تسعى لتأسيس معسكر لها في ليبيا كما حدث سابقا في العراق.
وأضاف أن واشنطن تريد إدارة الأزمة الليبية، بما يتماشى مع مصالحها ويخدم توجهاتها، خاصة بأن هناك تدخلات دولية أخرى في الملف الليبي، وهذا الأمر يتعارض مع مصالح أمريكا في أفريقيا، لهذا تريد أمريكا الحفاظ على مصالحها وعدم اتساع النفوذ الدولي لأي منافس لها في ليبيا.
الجدير بالذكر أن موقع أندبندنت بالعربية أكد في مقال له عن تخصيص الإدارة الأمريكية مبلغ 57,2 مليون دولار من موازنة 2025 لاستئناف وجودها الدبلوماسي في ليبيا، ونقل عن المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا ريتشارد نورلاند أن بلاده “تتبنى اتجاهاً جديداً يركز على جنوب ليبيا”.