تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
ما إنْ بدأ الكلام عن اقتراب عَجلة دوران المسابقة المحلية من جديد في نسخة تقرّر بدايتها منتصف أكتوبر المقبل بحسب أحد أعضاء المكتب التنفيذي، حتى همّت بعض الأندية في لملمة شتات اللاعبين والتوقيع مع آخرين وإغرائهم بمبالغ طائلة وعقود بأرقام فلكية مبالغ بها، فلم يسبق أنْ سمعنا أو شاهدنا لاعبا يتقاضى مليون دينار في موسم هو في الأصل قد لا يبدأ من الأساس …!!
صحيح أنّ هذا حدثَ في المواسم الأخيرة لكن كان الاعتقاد السّائد أنها مجرد ظاهرة وستتلاشى مع مرور الوقت، غير أنها باتت حالة وأمراً واقعاً لا مفرّ منه، ومع توالي الزمن سيصبح بديهيًّا جداً سماع تعاقدات وعقود بملايين الدينارات.
إنّ تطبيق الاحتراف في عالم كرة القدم لا يجب أن يكون مقتصراً على إبرام عقد بمبالغ كبيرة أو إغراء لاعب بارز في الفريق الخصم بالملايين فقط، بل إنّ الاحتراف هو سلوك يبدأ من الإدارة وينتهي باللاعب، الاحتراف هو انضباط وهو الوجه البارز لكرة القدم اليوم.
بعض الأندية اليوم وخصوصا (الأندية السمينة) ذات النفوذ والقاعدة الجماهيرية الكبيرة تأثرت بآراء جماهيرها وضغوطات الفئة المتعصبة الملقبة بالزّابيطة، سواء على أرض الواقع أو في العالم الافتراضي، ولا أبالغ لو قلت بأن هذا النوع من الجمهور هو ما يقرر مصير التعاقدات وعقود اللاعبين واستجلاب اللاعب الفلان والتغاضي عن غيره، والأنكى من ذلك أن يكون التعاقد بنظام (البُونتا) وليس لقدرات الرياضي الفنية وإمكانياته التي تساعد الفريق فيما هو آت.
معضلة كبيرة تواجه أنديتنا اليوم، فارتفاع قيمة اللاعب الليبي في السوق سيجعل التنافس محدوداً ومقتصراً على ناديين أو ثلاثة لامتلاكها الأموال وهو ما يجعل الأندية محدودة الدخل في حيرة كبيرة ومشاكل مالية لا تقوى على تسديدها، ما سيدخلها في ديون والتزامات مالية خانقة.
تعاقداتٌ بالجملة أبرمها مجلس إدارة نادي الأهلي طرابلس في الأسبوعين الماضيين وقدمها بمناسبة ذكرى تأسيسه السبعين كعربون هدية وحب لجماهيره الكبيرة، صحيحٌ أنّ التعاقد مع لاعب بقيمة خالد مجدي لا يفوّت أو مدافع كعبد الله اجديدو ولكن هذا السيناريو المهترئ تكرر مع الأهلي خلال الأعوام الأخيرة، وهو التعاقد مع اللاعب قبل التوقيع مع المدير الفني الذي من المفترض أن يكون المسؤول الأول عن تحديد ما ينقصه وما هو زائد عن الحاجة.
التعاقدات في دول العالم الأول أو على الأقل في دول الجوار لا تكون بهذه الصورة الهزيلة من تكديس للاعبين، بل إنها تتم وفق خطة مدروسة بين الإدارة والمدير الرياضي بعد التشاور مع المدير الفني لسدّ العجز في فريقه.
خلاصة الكلام قد يقول البعض إنّ ارتفاع سعر اللاعب الليبي ليس بجديد وإنه نتاج التغير الاقتصادي ويدخل في بند المنافسة المالية والوصول للأفضل، فكل رئيس يسعى للرقيّ بمؤسسته إلى العُلا، لكن بدل صرف الملايين على لاعبين أعتبرهم أشباه لاعبين كان يجب منح الفرصة للوجوه الشابة واليافعة واكتشاف المواهب ما دون سن الـ 21 عاماً والدفع بهم لاكتساب الخبرة والنضج، وهو الأمر الكفيل بخلق جو تنافسي بين اللاعبين والأندية وبالتالي سيجعل إدارات الأندية الصغيرة والكبيرة تصرف هذه الملايين على الفئات السنية لأنها القاعدة والأساس الذي يُبنى عليه للمستقبل، ولكم في أندية الجوار خيرُ مثال.
الكاتب: عبد اللطيف السكير.