تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
لم يكن الناشط المدني سراج دغمان خصما سياسيا شرسا ولا حتى معارضا لسياسة حكام المنطقة الشرقية، ولم يُعرف عنه ذلك من قبل وكان ذنبه الوحيد الذي كان سببا في فقدان حياته في سجون الأمن الداخلي ببنغازي هو مجرد إعلانه الامتعاض من استئثار النخبة الحاكمة في ليبيـا بالمشهد ومصير الليبييـن منذ أكثر من عَقد من الزمان، ومطالبته بأهمية تغيير هذا المشهد البائس الذي يرفضه كل مواطن ليبـي يعاني من فقدان أدنى أساسيات الحياة الكريمة التي من دون شك التضييق على حرية الكلمة والتعبير، ولم يتعرّض بشكل شخصي لأي مسؤول لا أمني ولا سياسي .
رواية الأمن الداخلي
لكن هذا الحديث لم يكن ليمرّ دون أن يقض مضاجع آلة القمع المرتبطة بحفتر في بنغازي التي سارعت إلى إسكات هذا الصوت على الفور وتغييب صاحبه وآخرين من أمثال الدكتور فتحي البعجة قبل أن يُكشف عن مقتل دغمان أو ربما تصفيته في سجون الأمن الداخلي ببنغازي ثم نشر رواية تبدو مكررة كثيرا في محاولات تبرير ملابسات القتل.
حيث نشر الأمن الداخلي بيانا مصورا يظهر فيه شخص يتحدث عن تلك الرواية بشكل منفعل ويقول إن دغمان قُتل بينما كان يحاول الهروب والقفز من نافذة إحدى الزنانين في محبسه حيث مات نتيجة سقوطه.
إغلاق الملف
وكالعادة لن يتجرّأ أحد من ذوي المغدور على فتح تحقيق أو حتى رفض تلك الرواية الأمنية وفقا للبيئة الأمنية التي اعتاد الناس عليها في مناطق سيطرة حفتر منذ 9 سنوت، وعليهم فقط تصديق راوية الأمن الداخلي كوجه وحيد لفهم ما جرى لسراج دغمان والأمر نفسه بالنسبة للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية .
الأمم المتحدة
وفي مستوى ردود الفعل الدولية عبّرت البعثة الأممية عن حزنها العميق لوفاة الناشط سراج دغمان أثناء احتجازه في أحد مقار جهاز الأمن الداخلي ببنغازي، وقدّمت تعازيها الخالصة لعائلته حاثة السلطات المعنية على إجراء تحقيق شفاف ومستقل حول الظروف المحيطة بوفاته، ومذكّرة أنه اعتُقل واحتُجز تعسفياً منذ مطلع أكتوبر 2023 بمعيّة كل من فتحي البعجة وطارق البشاري وسالم العريبي وناصر الدعيسي، ولم يتم لحدّ الآن توجيه تُهم إليهم كما لم يمثلوا أمام المحكمة.
ودعت البعثة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً بمَن فيهم المحتجزون مع دغمان، كما جدّدت دعواتها لتحقيق المساءلة ووضع حد لعمليات الاختطاف والاختفاء والاعتقالات التعسفية في جميع أنحاء البلاد.
كيف ردت الولايات المتحدة ؟
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد طالبت عبر سفارتها في طرابلس بإجراء تحقيق شفاف ومستقل حول وفاة سراج دغمان أثناء احتجازه، مؤكدة على الحاجة إلى اتباع الإجراءات القانونية الواجبة وسيادة القانون طوال الوقت في ليبيـا والإفراج السريع عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفيا.
ردود الفعل المحلية
محليا طالبت منظمات حقوقية عديدة بضرورة الكشف عن ملابسات وفاة دغمان أبرزها منظمة رصد الجرائم الليبيـة ومنظمة ضحايا لحقوق الإنسان ومظمات أخرى، محمّلة الجهات الأمنية مسوؤلية التغييب القسري للنشطاء السياسيين دون تهم واضحة.
تاريخ حفتر مع المعارضين.
على مدى سنوات تعمّدت السلطات الأمنية المرتبطة بحفتر أسلوب التصفية الجسدية والتغييب القسري منهجا شبه وحيد للتعامل مع أي معارض محتمل لسياستها، ويتم ذلك في غالب الأحيان بإجراءات موجزة بعيدا عن القانون حيث تستخدم الترهيب الاجتماعي كوسيلة لإقناع ذوي الضحايا بطريقة موت ذويهم في السجون كسجنيْ قرنادة والكوفية اللذَيْن عُرف عنهما على مدى سنوات بأنهما من أسوأ المعتقلات في تاريخ ليبيـا الحديث.