تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
مشكلة كرة القدم الأساسية في ليبيا هي فقدان العمل القاعدي وتجاهل عملية البناء من الأساس والصبر حتى يتحقق المراد وذلك لأسباب شتى وعلى رأسها؛ إداراتُ بعض الأندية تتحكم بها الجماهير وتؤثر في قراراتها بل وتقرر مصيرها، وهو ما يصيب العملية الكروية بالخلط وتداخل الاختصاصات ليكون الناتج عشوائيةُ الحاضر وضبابيةُ المستقبل وهو ما يؤدي بالطبع للفشل ولا شيء سواه.
إن الارتقاء بالممارسة الكروية وتطويرها من الطور المحلي إلى الاحترافي ولو – بنسبٍ متفاوتة لا يأتي صدفة أو خلال فترة وجيزة، بل يجيء بعمل مضنٍ ومستمر، ولا ضير أن تحاول أنديتنا استنساخ تجارب البلدان المجاورة وتقوم بتحويرها بما يتناسب ويتكيف مع البيئة الرياضية الليبية.
غياب التكوين الرياضي وانشغال الأندية بدفع المبالغ الطائلة لأجل التعاقد مع هذا اللاعب أو ذاك يجعلنا نراوح مكننا دون صناعة حقيقية في عالم المستديرة، بل يقتصر التطوير فقط على من يدفع مالاً أكثر إغراءًا للموهوبين وجعلهم يفكرون في المادة دون أن يلتفتوا لأوليات اللعب والبروز، وهذا ما يقودنا لما يسمى بعملية “حرق المراحل”.
لا أقصد أن منظومة التكوين غير موجودة بتاتاً في بلادنا، ولكن وجودها ظل على الهامش ودون تأثير، على الأقل في السنوات العشر الأخيرة، حتى المحاولات بإنشاء مدارس وأكاديميات خاصة بتعليم أساسيات اللعبة كانت دائما ما تنتهي بسرعة أو يتم إهمالها وإهمال من يقودها فنياً (بالتجاهل).
عدد لا بأس به من أنديتنا لا يعاني ماليا ولا تنقصه ناقصه، بل ولا يحير في الحصول على (دعم حكومي بالملايين)؛ طيب لماذا لا تلجأ هذه الأندية لدراسة نقدية ومصارحة مع الذات وبصوت عالٍ وتترك عبث الصرف المالي المرتفع دون جدوائية ولا أثر، وتقدم على خطوة جديدة، تؤسس فيها أكاديميات تهتم باكتشاف المواهب الكروية.
النجاح الحقيقي والفعلي هو صناعة اللاعبين الموهوبين والصبر عليهم وعدم التهافت على النتائج السريعة والآنية،
فعلى الرغم من قساوة الظروف في بلادنا إلا أنه لا مانع على الأقل من المحاولة، وإن فشلتم ستكسبون شرف المحاولة.
إننا اليوم ومنذ زمن نعاني إهمالاً في التكوين وافتقاراً لأكاديميات تهتم بالقاعدة وتتجاوب مع مقتضيات الزمن والاستثمار في الرأس مال البشري الثمين، وهو ما سيقودنا بعد سنوات لإعدام ما تبقى من كرة القدم في هذه البلاد وتخلفها أكثر مما هي عليه؛ فهل نرَ من يكتشف لنا “الكنز المدفون”.
الصحفي الرياضي – عبد اللطيف السكير