تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
عبدالرحيم التجوري
الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
في الآونة الأخيرة وبالتزامن مع إغلاق حقل الشرارة النفطي أحد أكبر الحقول في جنوب غربي البلاد بقرار من صدام حفتر، عاد الحديث من جديد حول التدخل الغربي السافر وحرب الوكالة داخل ربوع ليبيا.
حيث إن التقارير والأنباء الدولية والمحلية ترى فيما يحدث تدخلاً غربياً واضحاً وتصفية للحسابات بعيدة تماما عن الخلافات الداخلية الليبية بين شرق وغرب البلاد.
التقارير أفادت أن إسبانيا التي اتهمت صدام حفتر بتوريد اسلحة إلى ليبيا وعلى أساسه تم إصدار مذكرة الاعتقال، جاءت بتوجيهات مباشرة غير معلنة من المملكة المتحدة، التي على عكس حلفائها في الفيلق الأوروبي قررت أن تتدخل في الشأن الليبي ليس بالقوة العسكرية، بل بإحداث خلافات وضرب مصالح دول أخرى على رأسهم إيطاليا، المستثمر الأكبر في قطاع الغاز والنفط الليبي.
خبراء إستراتيجيون قالوا إن الجميع سيرى أن فكرة وجود تعاون خفي بين إسبانيا والمملكة المتحدة أمر من وحي الخيال، لكن إذا عدنا بالزمن إلى الوراء سنجد أن الأجهزة الأمنية الإسبانية تعد وكيلاً تاريخياً لأعمال الاستخبارات الخارجية البريطانية وتحقق سياسة المملكة المتحدة في أوروبا.
واستكملوا قائلين : “إن هذا الأمر أكده ملك إسبانيا فيليبي السادس، منذ سنوات بشكل غير مباشر عندما قال إن مصالح البلدين متشابكة للغاية، وأن هناك عشرات الآلاف من البريطانيين يعيشون في إسبانيا، مقابل عدد مماثل من الإسبان يعيشون في بريطانيا، وهؤلاء يشكلون أساساً لعلاقات البلدين، وأن بريطانيا هي ثاني أكبر مستثمر في بلاده.
وبالتالي، فإنه ليس بالغريب أن تقوم بريطانيا بطلب إصدار مذكرة اعتقال إسبانية بحق صدام حفتر، والهدف ليس اعتقال حفتر، بل استفزازه ودفعه نحو إغلاق حقل الشرارة النفطي الذي تسعى إيطاليا للاستثمار فيه، وهو ما حدث بالفعل.
فالمخطط البريطاني يهدف لزعزعة العلاقات بين إيطاليا وصدام حفتر من جهة، وتعطيل خطط إيطاليا وضرب اقتصادها المعتمد على تصدير الغاز والنفط الليبي إلى دول القارة العجوز من جهة أخرى.
والجدير بالذكر أنه تم توقيف صدام حفتر في مطار كابوديكينو بنابولي الإيطالية، حيث تم إبلاغه بوجود مذكرة اعتقال صادرة من السلطات الإسبانية بحقه، الأمر الذي دفع حفتر فور عودته إلى ليبيا بإغلاق حقل الشرارة النفطي إلى أجل غير مسمى.
هذا الإغلاق كبد إيطاليا وقطاع النفط وفق ما جاء على لسان رئيس النقابة العامة لعمال النفط، سالم الرميح، بلغت ملياري دينار. وبحسب الرميح فإن الخسائر لم تكن مادية فقط وإنما هناك خسائر فنية نتيجة إغلاق الحقل الأكبر في ليبيا، وتعطل ثلث إنتاج البلاد من النفط، وأوضح خلال تصريحه أن الخسائر الفنية تتمثل في تعرض أنابيب نقل النفط الخام والمضخات الموجودة على الآبار إلى مشاكل كبيرة.
في الختام، يرى محللون سياسيون أن ما يحدث في ليبيا في الوقت الراهن هو صراع بالوكالة بين دول الغرب التي تسعى للسيطرة على خيرات وثروات الشعب الليبي، وبريطانيا كشرت عن أنيابها للمرة الأولى بعد غياب طويل عن استعدادها التام لضرب الاقتصاد الإيطالي عن طريق تعطيل قطاع النفط، دون التطرق إلى الخلافات والانقسامات السياسية في الداخل الليبي وأن إغلاق حقل الشرارة هو مجرد بداية ليس إلا.