تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
أُسدل السّتار عن عام 2022 م ولم يتغيّر شيء في واقع “حقوق الإنسان” في ليبيـا؛ بل تحوّل من سيّئ إلى أسوأ؛ في ظلّ غياب آليات للمسائلة واستمرار ظاهرة الإفلات من العقاب؛ وعدم اكتراث السلطات المتعاقبة وفي بعض الأحيان تورّطها في هذه الانتهاكات؛ “منصّة ليبيـا بانوراما” ترصد العديد من الانتهاكات التي وقعت خلال عام 2022.
“المقابر الجماعية” في ترهونة.. عجز حكومي
لا تزال معاناة أهالي ضحايا “ترهونة” تصطدم بجدار عجز الحكومات في إحراز أيّ تقدّم من شأنه أن ينصف الأهالي ويمنحهم الحق في مقاضاة قتلة أبنائهم؛ فبالرّغم من الأوضاع الرّاهنة التي تمرّ بها ليبيـا سياسيا؛ إلا أنّ هذا لا يُعتبر مبرّرًا لتقصير الحكومة تجاه هذه القضية التي تُعتبر من أكبر الجرائم التي ارتكبت في حقّ الإنسانية؛ ولا يوجد مبرّر في عدم اتخاذ الحكومة إجراءات تساعد “الجهات ذات العلاقة” على انتشال بقية الضّحايا من حفر الموت؛ وإجراء عمليات التطابق للتعرّف على هوية المنتشلَين من المقابر الجماعية.
وفي ظلّ العجز الحكومي قد يكون المطلوب من أهالي “ضحايا ترهونة” ومنظمات حقوق الإنسان في ليبيـا؛ إنشاء محكمة خاصّة بملف “المقابر الجماعية” في مدينة ترهونة لتحريك المياه الرّاكدة في سير عمل التحقيقات وجمع الاستدلالات للإسراع بالمسألة القانونية للحيلولة دون الإفلات من العقاب لمن ارتكبوا هذه الجرائم.
ليّبيـون أمام القضاء الأمريكي
تصدرت قضية تسليم الليبـي “أبو عجيلة المريمي” إلى الولايات المتحدة المشهد خلال عام 2022 م ومازالت أصداء هذه القضية تدوي في ليبيـا وسط غضب واسع يتصاعد؛ خاصّة بعد إعلان ذوي “المريمي” عزمهم بيع منزلهم لتأمين تكاليف الدفاع أمام القضاء الأمريكي.
وبعيدا عن ردود الفعل الرّسمية الرّافضة لتسليم “المريمي”، أثارت تلك القضية حراكا شعبيا جمع الليبييـن لأول مرّة من الشّرق إلى الغرب والجنوب ضدّ المسؤولين الليبييـن؛ فإلى جانب المظاهرات الحاشدة التي خرجت في مدينة “طرابلس” لمساندة عائلة “المريمي” والتي طالبت بإعادته لليبيـا، فإن حراك الغضب أخذ مناحيَ أخرى في مدينتيْ مصراتة وبنغازي.
مفارقة كبيرة بين قضية “المريمي” وبين ترشّح المطلوبين دوليا إلى سباق الانتخابات الرئاسية في ليبيـا؛ وعلى رأسهم “سيف الإسلام القذافي” المطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضدّ المدنيّين عام 2011 م؛ و”خليفة حفتر” المتورّط في قضايا ضدّ الإنسانية إبّان انطلاق عمليته العسكرية شرق البلاد؛ ومحاولته اقتحام “طرابلس” عام 2019؛ ومساندته لمليشيا الكاني في مدينة ترهونة.
السجون والإخفاء القسري
لم تفلح السلطات في جميع أنحاء ليبيـا من تحقيق أيّ تقدّم بملف “الإخفاء القسري” ومعرفة مصير المئات في ليبيـا الذين يخضعون لهذه الظاهرة.
وكانت الزيارة التي أجراها المدّعي العام لمحكمة الجنايات الدولية “كريم خان” أخيراً إلى ليبـيا قد أحيت الدّعوات إلى معالجة ملفّ المُختفين قسراً، خصوصاً أن الجناة لا يستثنون أحداً وكانوا قد احتجزوا شخصيات بارزة على غرار عضو مجلس النواب سهام سرقيوة عام 2019 م.
وفي ديسمبر عام 2022 م تعرّض المدير التنفيذي لمفوّضية المجتمع المدني ببنغازي “إبراهيم المقصبي”، ومدير إدارة التسجيل والتوثيق وشؤون الفروع بالمفوّضية “سالم المعداني” للاختطاف على يد مجموعة مسلحة؛ في واقعة هي الثانية خلال 5 أشهر، حيث تعرّض المدون “عبد المجيد الغراف” إلى الاعتقال القسري على يد مجموعة مسلحة بمدينة “طبرق” في يوليو الماضي.
ولا يزال الآلاف من المعتقَلين محتجزين في عدّة مراكز مختلفة بينها “سجون سرّية” في جميع أنحاء ليبيـا؛ في ظروف غير إنسانية تفتقر إلى المرافق الصّحية والتهوية والمياه النظيفة.
كما في كثير من الأحيان يتمّ اعتقالهم اعتقالا مطولا ولا يتحصلون على حقوقهم الأساسية؛ ومنهم من المدنيّين والقصّر يُحاكمون محاكمة عسكرية؛ وفي حالات كثيرة لا يتمّ عرضهم على النيابة خوفا من صدور أحكام بالبراءة، وحين صدور مثل هذه الأحكام لا يتمّ الالتزام بها؛ بحسب منظمة التضامن لحقوق الإنسان.
العنف ضدّ المرأة
لم تسلم المرأة والفتاة الليبيـة أن تكون من ضمن من يتعرّضن لمثل هذه للانتهاكات الجسيمة؛ سببها عدم الاستقرار السياسي وضعف الأجهزة الأمنية وتغوّل التشكيلات المسلحة؛ تقول المقرّرة الخاصّة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة “ريم السّالم”.
حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء
تقول منظمة التضامن لحقوق الإنسان إن المهاجرين وطالبي اللجوء يعانون من العديد من المشاكل والانتهاك لحقوقهم ويتعرّضون للأبتزاز؛ وتقوم السلطات بين فينة إلى أخرى بحملات اعتقال واسعة عنيفة في أماكن سكن العمّال والمهاجرين؛ ويقول مكتب المفوّض السامي إنّ انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المُرتكَبة بحقّ المهاجرين في ليبيـا تتفاقم بسبب الافتقار إلى مسارات آمنة داخل البلدان وخارجها، ما يعني أن المهاجرين غالبًا ما يُجبرون على قبول “المساعدة” والعودة إلى بلدانهم الأصلية في ظلّ شروط قد لا تتوافق مع قوانين حقوق الإنسان ومعاييرها الدولية.
واقع حقوق الإعلاميين في ليبيـا
نوّهت 22 منظمة حقوقية ليبيـة؛ إلى أنه بالرّغم من تراجع عدد حالات الانتهاكات خلال العاميْن الماضييْن مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنه بسبب التهديدات المباشرة وغير المباشرة، أُجبر العديد من الصّحفيين إمّا لترك مهنة الصّحافة أو مغادرة ليبيـا بحثا عن مكان آمن.
وأكدت المنظمات أن الصّحفيين والإعلاميّين الليبييـن يتعرّضون إلى العديد من الانتهاكات، مضيفة أن هناك 29 اعتداءً على الصّحفيين ارتُكبوا خلال عام واحد فقط.
وأشارت المنظمات إلى أن الاعتداءات كانت متفاوتة الخطورة، وصلت في بعض الأحيان إلى التهديد والشروع في القتل، بالإضافة إلى جملة من الانتهاكات الخطيرة الأخرى كالإخفاء القسري والاعتقال التعسّفي والضّرب والإيذاء والطّرد التعسّفي والمنع من العمل والهجمات والتصعيد ضدّ وسائل الإعلام وصولا إلى الملاحقة القانونية والقضائية.