2024 مبادرات متلاحقة وحلول متعثرة.. هل تنجح مبادرة خوري حيث فشلت سابقاتها؟

تشهد الساحة الليبية مجددًا حراكًا سياسيًا محمومًا، حيث أعلنت بعثة الأمم المتحدة عن مبادرة جديدة، وسط استمرار الانقسام السياسي والتعثر الذي عرقل جميع المحاولات السابقة لحل الأزمة المستمرة منذ سنوات.

المبادرة الأممية التي كشفت عنها القائمة بأعمال رئيس البعثة، ستيفاني خوري، تأتي بعد سلسلة من المبادرات المحلية والإقليمية التي لم تُحدث أي اختراق يُذكر في جدار الأزمة.

تفاصيل المبادرة الأممية

أعلنت ستيفاني خوري، منتصف ديسمبر الماضي، عن مبادرة سياسية تقضي بتشكيل لجنة فنية من خبراء ليبيين لمعالجة القضايا الخلافية المتعلقة بالقوانين الانتخابية، والتي كانت قد أعدتها لجنة “6+6” المشتركة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.

وتهدف المبادرة إلى وضع حلول توافقية تُمهد لإجراء انتخابات في أقصر وقت ممكن ضمن إطار زمني واضح، بالإضافة إلى ذلك ستعمل اللجنة على تحديد أولويات حكومة توافقية، دون الإفصاح عن آلية تشكيلها أو الاتفاق عليها.

كما كشفت خوري عن مسار تفاوضي موازٍ يضم قيادات اجتماعية وممثلين عن المجتمع المدني، إضافة إلى شرائح شبابية ونسائية، بهدف إلى توضيح نطاق التوافق حول مسببات النزاع طويل الأمد.

مبادرات محلية متزامنة

بالتزامن مع إعلان المبادرة الأممية، شهدت مدينة بوزنيقة المغربية اجتماعًا برعاية عقيلة صالح، وخالد المشري. انتهى الاجتماع إلى تشكيل خمس لجان مشتركة بين المجلسين، تتولى ملفات حيوية تشمل إعادة تشكيل الحكومة، وتوحيد المؤسسات المالية والاقتصادية، وإعادة النظر في المناصب السيادية، إلى جانب قضايا الأمن والحكم المحلي، والأموال المهربة وغسيل الأموال.

هذه المبادرات تأتي ضمن سلسلة من المحاولات المحلية والإقليمية والدولية التي شهدها العام المنصرم، لكنها لم تنجح في تحقيق اختراق يُذكر في الأزمة السياسية الليبية.

فشل مبادرة “الطاولة الخماسية

قبل استقالة المبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي في أبريل الماضي، كان قد اقترح مبادرة “الطاولة الخماسية”، التي كانت تهدف لجمع أبرز الفاعلين في المشهد الليبي، وهم: عقيلة صالح، محمد تكالة، محمد المنفي، عبد الحميد الدبيبة، وخليفة حفتر. المبادرة كانت تسعى إلى إيجاد حلول توافقية للقوانين الانتخابية، لكنها فشلت مع استقالة باتيلي، وسط خلافات حادة بين أطراف النزاع.

مبادرات عربية وإفريقية.. محاولات متعثرة

لم تكن المبادرة الأممية الوحيدة في الساحة السياسية الليبية. الجامعة العربية سبق وأعلنت عن مبادرة مشابهة، ضمت ثلاثة أطراف رئيسية: عقيلة صالح، محمد تكالة، ومحمد المنفي. ورغم نجاح الاجتماع الأول في القاهرة في مارس الماضي، والذي انتهى باتفاق على تشكيل لجنة فنية لتعديل القوانين الانتخابية، إلا أن المبادرة واجهت صعوبات لاحقة أدت إلى توقفها.

وفي الإطار الإفريقي، أطلق الاتحاد الإفريقي مبادرة لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية الليبية، إلا أن هذه المبادرة أيضًا واجهت تعثرات عديدة. ورغم زيارة رئيس الكونغو، دينيس ساسو نغيسو، إلى ليبيا مؤخرًا لدعم المبادرة، إلا أن التقدم فيها لا يزال محدودًا.

مبادرات محلية.. جهود متفرقة

على الصعيد الداخلي، تعددت المبادرات، بينها مبادرة أطلقها سيف الإسلام القذافي، في يوليو الماضي، تضمنت خيارين: إما مشاركة جميع المرشحين الرئاسيين دون شروط، أو انسحابهم جميعًا لفتح الباب أمام مرشحين جدد. لكن المبادرة لم تلقَ أي تجاوب.

كما أطلقت تنسيقية الأحزاب الليبية، التي تضم نحو 90 حزبًا، مبادرة ترتكز على إعادة بناء الثقة بين الليبيين ودعم حوار مجتمعي شامل لإنتاج ميثاق وطني وبناء حكم محلي شامل. هذه المبادرة جاءت تماشيًا مع جهود الاتحاد الإفريقي، لكنها لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن.

التحديات والعراقيل

رغم تعدد المبادرات، إلا أن استمرار الانقسام السياسي وتباين المصالح بين الأطراف الليبية، بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية والدولية، يشكل أبرز العقبات أمام أي تسوية سياسية. كما أن غياب الثقة بين الأطراف المحلية، وتعقيد القضايا الخلافية، مثل القوانين الانتخابية وتوحيد المؤسسات، يزيد من صعوبة تحقيق اختراق حقيقي.

هل تنجح المبادرة الأممية؟

في ظل فشل المبادرات السابقة، تبدو الآمال معلقة على المبادرة الأممية الجديدة، التي تسعى إلى إشراك شرائح أوسع من الليبيين في الحوار السياسي. لكن نجاحها يعتمد بشكل كبير على قدرة البعثة الأممية على إدارة الخلافات، وضمان التزام الأطراف المحلية والدولية بدعم الحلول التوافقية.

ومع استمرار المشهد الليبي في حالة من الجمود السياسي، يبقى السؤال: هل تكون المبادرة الأممية الجديدة نقطة تحول حقيقية، أم أنها ستنضم إلى قائمة المحاولات الفاشلة؟

Read Previous

وثائق تكشف ضغوطًا بريطانية على القذافي لإبرام صفقات أسلحة في عهد بلير

Read Next

المركز الوطني للصحة الحيوانية يتخذ إجراءات صارمة لمكافحة تفشي داء الكلاب