تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
تستعد الأجسام الحالية لمغادرة المشهد السياسي، إذا ما نجحت الجهود الدولية الرامية إلى إجراء الانتخابات في البلاد هذا العام، والتي ما زالت في انتظار مجلسي النواب والدولة لحسم خلافتهما بشأن القوانين الانتخابية لإحالتها لمفوضية الانتخابات للتنفيذ، وهو الأمر الذي أصر عليه المبعوث الأممي إلى ليبيا “عبدالله باتيلي” في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن بشأن آخر تطورات الوضع في ليبيا.
خيار مطروح
في حال فشل مجلسا النواب والأعلى للدولة في التوصل إلى اتفاق حول قوانين الانتخابات في الوقت المناسب، لوح المبعوث الأممي لدى ليبيا “عبد الله باتيلي” بأنه سيضطر إلى الإجراءات البديلة الممكنة، مشيراً في وقت سابق بأنه يمكن وضع خارطة واضحة للانتخابات بحلول منتصف شهر يونيو المقبل، في إشارة منه إلى اللجوء إلى مبادرته التي طرحها أمام مجلس الأمن.
وكان إعلان باتيلي في فبراير الماضي مبادرة جديدة بهدف إنشاء لجنة رفيعة المستوى لإجراء الانتخابات، دفع مجلسي النواب والأعلى للدولة، إلى تشكيل لجنة للنظر في قوانين الانتخابات.
خلافات عميقة
وعلى الرغم من قفز رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على مهامها مبكراً بنشر القوانين الانتخابية في الجريدة الرسمية، يظل مصير لجنة 6+6 مجهولاً؛ إذ لا يزال تحدي حسم الخلافات حول باقي شروط الترشح، باستثناء شرط مزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية الذي أقر بعدم أحقيتهم في المشاركة في أي عملية انتخابية بنشر قانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد اختصاصاته في الجريدة الرسمية.
ويستبعد مراقبون توصل الجسمين إلى أي توافق، بالنظر إلى الخلافات العميقة حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، فضلا عن رغبتهما في الاستمرار في المشهد السياسي إلى أقصى مدى ممكن.
وبشأن أي حكومة ستنظم الانتخابات، ومصير الدستور، صرح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية جمال الفلاح لبانوراما، أنه من الضرورة الذهاب للانتخابات، حتى وإن كانت برلمانية في الوقت الحالي بشكل مستعجل جداً.
وقال الفلاح، إن وضع الآمال في رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري والأطراف الموجودة في السلطة بأنها تنجز لنا مسألة دستور دائم وكذلك توحيد المؤسسة العسكرية والمناصب السيادية أمر صعب جداً، وهو ما يستدعي اتخاذ خطوة الذهاب إلى الانتخابات لتجاوز هذا الانقسام حتى وإن كانت برلمانية.
وأضاف الفلاح، أنه من المهم جداً توحيد المؤسسة العسكرية وأن يكون هناك دستور ضامن للعملية الانتخابية ومؤسسة عسكرية تحمي الانتخابات وعملية التداول السلمي على السلطة.
وبشأن تدابير العملية الانتخابية وتنفيذها، أشار إلى أن الحكومة الحالية أصبحت طرفا في الصراع على السلطة ولا قبول لديها لدى جزء كبير من أنحاء البلاد، إلا أنه لا يمانع من أن تشرف على إجراء الانتخابات إذا ما كانت هناك تفاهمات حول ذلك بين حفتر ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بإشراف من البعثة الأممية، وفق قوله.
مبدياً في الوقت ذاته، بأن تكون هناك حكومة مصغرة جداً في مثابة لجنة ومهمتها التدابير الانتخابية، لا يكون لها أي دور غير تأسيس قوة أمنية مشتركة لحماية الانتخابات على أقل تقدير برلمانية، وذلك لتجاوز جزء كبير من أطراف الأزمة المتمثلة في مجلسي النواب والدولة والمستفيدين منهم، لكي يكون هناك مجلس تشريعي جديد بقوانين انتخابية صحيحة يستطيع وضع الدستور الدائم وتوحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى سلطة سياسية وتشريعية قوية جداً ولذلك لا بد من تجاوز السلطة الموجودة حاليا.
وأكد الفلاح أنه لا يوجد أي مانع من إجراء الانتخابات الرئاسية شرط أن تجرى بضمانات ومدد زمنية محددة غير قابلة للتمديد وأهداف ومهام محددة، كما لا يتفق مع يريدون توحيد كافة الأجسام والمؤسسات قبل الذهاب إلى الانتخابات.
وفي تصريح لبانوراما رأى السياسي الليبي محمد بويصير أن الانتخابات المقبلة غالبا ستجرى تحت إشراف حكومة جديدة، وذلك من أجل ضمان الحياد.
وأَضاف بويصير، أن مهمة وضع دستور للبلاد ستكون للمجلس التأسيسي الذي سينتج عن الانتخابات.
كما شدد بويصير على ضرورة وأهمية أن تكون هناك نواة جيش موحد، لافتا إلى أن ما أعلن عن أن القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” ستدعم إنشاء قوة مشتركة بقيادة الحداد والناظوري، إذا ما كلفت هذه القوة بتأمين الانتخابات ستكون خطوة في غاية الأهمية في هذا الاتجاه.
زخم للمسار العسكري على عكس السياسي
وأكدت الأطراف العسكرية في الشرق والغرب مضيها قدما في عملية توحيد مؤسسة الجيش وبذل كل الجهود لحماية العملية الانتخابية المنتظرة، وهو ما اتفق عليه رئيس الأركان العامة محمد الحداد وعبد الرزاق الناظوري في لقائهما في مدينة بنغازي.
وفيما يبدو أن طلب الحداد والناظوري واللجنة العسكرية المشتركة (5+5) الذي كشفه “باتيلي” مؤخراً والمتعلق بالدعم الدولي لتجهيز قوة عسكرية مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية للبلاد، من المؤشرات الفعلية المتقدمة وكإحدى الخطوات نحو إعادة توحيد القوات المسلحة، إذ يعطي باتيلي زخماً للمسار العسكري ويشيد بالتزام الفعلين الأمنيين شرقا وغرباً وجنوباً لتعزيز وحدة البلاد والدفع نحو تحقيق المصالحة وترسيخ وقف إطلاق النار وتحشيد جميع الأطراف المسلحة من أجل ضمان أمن الانتخابات.
وفي ظل إطالة أمد المرحلة الانتقالية الذي من شأنه أن يجعل البلاد عرضة لانعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني ومن الممكن أن يهدد بانقسام البلاد، تتزايد المطالبة الإقليمية والدولية في تشجيع الأطراف الليبية على العمل بإصرار على إجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة، وإرسال رسالة للمعرقلين بأن أفعالهم لن تظل دون عواقب.