ملف الأموال الليبية المجمدة يعود إلى الواجهة مع استيلاء بريطانيا على أصول روسية

تحاول ليبيا منذ سنوات استرجاع أموال البلاد في عدد من الدول تم تجميدها بموجب القرار 1973 الصادر في مارس2011، عن مجلس الأمن الدولي في إطار العقوبات التي فرضها على نظام القذافي. وفي حين لا يوجد رقم رسمي عن حجم تلك الأموال، غير أن مسؤولين ليبيين يقدرون قيمتها بـ 200 مليار دولار موزعة على عدد كبير من الدول الأوروبية بشكل أصول ثابتة وودائع وأسهم وسندات مالية واستثمارات عينية.

لم تجنِ جهود الحكومات الليبية المتعاقبة ثمار محاولاتها في هذا الصدد، حيث يتذرع الغرب بمسألة انعدام الاستقرار السياسي والأمني في البلاد من جهة، وعدم وجود رئيس وحكومة ليبية منتخبة من قبل الشعب من جهة أخرى، وهذا يعني فعليًا انتهاء الأزمة الليبية إذا تم، على الرغم من أن هذه الدول نفسها تعرقل المساعي الليبية للوصول إلى الانتخابات، حيث تمرر كل دولة أجنداتها على نخبة سياسية معينة في البلاد، وتفرض إرادتها على الساحة السياسية.

وحذّر مراقبون من خطورة عدم استعادة هذه الأموال، فوجودها بهذه الحالة في البنوك الغربية لا يُلغي فرص الاستيلاء عليها سواء بذرائع سياسية واهية، أو بقرارات أحادية الجانب من قبل الدول المعنية، خصوصًا وأن الدول الأوروبية قد بدأت بالفعل بالاستيلاء على الأموال الروسية المجمدة بعد ثلاث سنوات فقط من تجميدها.

حيث نقلت صحيفة التايمز البريطانية أن لندن قدمت لكييف قرضًا من دخل أصول روسية لأول مرة، من الأموال التي تم تجميدها والتي تقدر بنحو 26 مليار جنيه إسترليني من أصول البنك المركزي للاتحاد الروسي و18 مليار جنيه إسترليني أخرى من أصول الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات في المملكة.

ونقلت الصحيفة عن وزيرة المالية البريطانية ريتشل ريفز، شروط تخصيص مبلغ 2.26 مليار جنيه إسترليني (حوالي 3 مليارات دولار) لكييف على أن يتم سداده من الأموال الروسية المجمدة.

وأضافت الوزيرة “إن أوكرانيا الآمنة تعني بريطانيا الآمنة، وهذا التمويل من شأنه أن يعزز القوات المسلحة الأوكرانية”.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه من المقرر أن تصل الأموال إلى أوكرانيا خلال الأسبوعين المقبلين، بالإضافة إلى 3 مليارات جنيه إسترليني من المساعدات العسكرية التي وعدت بها لندن سنويًا، بينما من جهتها أعربت فرنسا في وقت سابق عن دعمها للجهود المبذولة لاستخدام الأرباح الاستثنائية من الأصول الروسية المجمدة لصالح أوكرانيا، وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أكثر من مناسبة إلى أهمية استخدام الأصول الروسية في إعادة إعمار أوكرانيا.

وبالعودة إلى ليبيا، تجدر الإشارة إلى تقرير أممي صادم، كشف فيه فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة عن انتهاكات جسيمة تتعلق بالأصول الليبية المجمدة، وسلّط الضوء على عدم امتثال عشر دول و16 مؤسسة مالية للعقوبات المالية المفروضة على ليبيا، الأمر الذي أدى إلى تآكل تلك الأصول المجمدة بفعل ممارسات مالية غير منضبطة.

هذه الحقائق، التي حملها التقرير النهائي المؤرخ في 6 ديسمبر 2024، بالإضافة إلى بدء الدول الأوروبية بالاستحواذ الغير قانوني على الأموال الروسية المجمدة، تزيد من ضرورة استرداد ليبيا لأموالها وأصولها، خصوصًا وأن القوانين الدولية والمؤسسات الليبية غير قادرة على حماية هذه الأصول من التلاعب الخارجي أو من الاستحواذ الكامل عليها.\

المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

Read Previous

التقرير السنوي للأمم المتحدة يؤكد ضلوع شركة أمريكية عسكرية خاصة في الأزمة الليبية

Read Next

مليارات الدولارات المجمدة في بنوك دول الغرب بينما مصرف ليبيا المركزي يُعاني