تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
وسط اصطفافات دولية حادة وإعادة تشكيل التحالفات والنفوذ في إفريقيا.. يعيد انقلاب النيجر للواجهة شكلا جديدا من أشكال التمحور ضمن الصراع الغربي الرسي ودور فاغنر في تثبيت النفوذ الروسي في القارة.
الصراع الدولي حول النفوذ في القارة السمراء لم يكن جديدا لكن لم يسبق له أن تحول إلى هذا المستوى، حيث اتجه إلى استخدام القوة الخشنة لبسط النفوذ كما فعلت روسيا في دول مهمة كانت مناطق نفوذ غربية تقلدية مثل ليبيـا ودول الساحل الإفريقي “مالي وبوركينا فاسو وغينيا”.
وهي مستعمرات فرنسية كانت موسكو قبل وقت قصير لا تفكر في الوصول إليها بهذه السرعة، كما لم تكن باريس تتوقع أن تفلت من سيطرتها لصالح الكرملين بشكل دراماتيكي متتالي بمساعدة فاغنر انطلاقا من ليبيـا التي ثبتت فيها أكبر قاعدة عسكرية لها بعد سوريا.
وقبل أن تستفيق فرنسا من هول صدمة خسارتها في باماكو وواغادوغو وكوناكري تفاجأت بانقلاب عسكري بنفس الطريقة في النيجر، التي تعدّ من أكثر مناطق النفوذ الفرنسي في القارة حيث تستورد منها 40% من اليورانيوم لتشغيل محطاتها النووية الكهربائية.
انقلاب النيجر الذي شهد إدانات غربية وإفريقية غير مسبوقة وصلت إلى حدّ التهديد باستخدام القوة وسط مخاوف من حرب شاملة ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة بشكل عام.
وتعدّ ليبيـا على رأس قائمة الدول المتضرّرة من أيّ صراع عسكري محتمل طويل الأمد في النيجر، وذلك بسبب عوامل عديدة تميزها عن أغلب جيرانها أبرزها الهشاشة الأمنية والانقسام السياسي.
إلى جانب وجود قاعدة روسية فيها جاهزة للتحريك والانطلاق نحو النيجر حيث الحليف الجديد لموسكو والساعية بكل نشاط لتحجيم دور فرنسا عبر فاغنر التي بارك زعيمها يفيغني بريغوزين الانقلاب بُعيد ساعات فقط من حدوثه.
ويكمن الخطر كذلك بحسب مراقبين من تحوّل المنطقة الجنوبية لليبيـا التي توجد فيها قواعد لفاغنر إلى منطقة عمليات عسكرية للحرب في النيجر لمواجهة قوات الإيكواس المدعومة غربيا، وتحويل المنطقة إلى ساحة مواجهة دولية لا يمكن تخمين نهايتها ولا أضرارها.
ولأن ليبيـا تربطها بالنيجر علاقات اجتماعية ديموغرافية فستكون منطقة النزوح رقم واحد من الحرب وسوقا رائجا للسلاح والوقود، وهو ما يشكل فرصة غير عادية للجماعات المتطرفة في منطقة الساحل خصوصا المثلث الحدودي بين النيجر وبنين ونيجيريا ومالي وبوركينا فاسو.
وبالتوزاي مع الحرب المحفوفة بالمخاطر التي قد تحدث في النيجر سيجد الوضع السياسي الهش في ليبيـا حوافز عديدة يمكن أن تعمّق من تعقيده بفعل عوامل الاصطفاف الدولي وكونها جزءا أساسيا من مناطق الصراع الغربي الروسي.
وتخشى دول مثل الجزائر من نفس التداعيات المحتملة للحرب في النيجر على ليبيـا بما في ذلك الترابط الاجتماعي بين البلديْن فضلا عن الفراغ الأمني الشاسع الذي سيتسبب بتحدّيات غير مسبوقة للجزائر الدولة الوحيد في المنطقة التي ما تزال متماسكة أمنيا وسياسيا.