تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
في ظل الأزمات المتتابعة التي تعيشها ليبيا في الآونة الأخيرة، لا تزال تركيا تعمل على تثبيت نفوذها العسكري والسياسي في البلاد، لأنها ترى في ليبيا المنطلق الإستراتيجي لها نحو أفريقيا، باعتبارها بوابتها الشمالية.
ومنذ تدخلها عسكريا في ليبيا، باتت تركيا تلعب دورا محوريا في الأزمة الليبية، ليتجلى ذلك في اتفاق جنيف السياسي بين أطراف الأزمة، وهي التسوية التي أفرزت حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي الحالي لتستمر الزيارات المتبادلة بين تركيا والسلطات في الغرب الليبي لبحث المستجدات السياسية والأمنية القائمة، في وقت تتصدر فيه الأزمة المتفجرة بين الأطراف الليبية حول إقالة مدير المصرف المركزي الليبي واجهة المشهد.
وقد استقبل الخميس، رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، رئيس جهاز المخابرات التركية إبراهيم قالن، في مقر الحكومة في العاصمة طرابلس، وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين والملفات الأمنية ذات الإهتمام المشترك ومستجدات الشرق الأوسط، بما في ذلك الأحداث الجارية في غزة.
وبحسب البيان الليبي الختامي للزيارة، أكد الدبيبة وقالن، “ضرورة العمل المشترك لدعم الاستقرار الإقليمي وحماية المدنيين، مع التركيز على تعزيز التعاون في المجالات السياسية والأمنية”.
فيما أفادت تسريبات صحفية عن مصادر مقربة من حكومة الوحدة أن اللقاء بحث في المقام الأول نية تركيا تحويل ميناء الخمس البحري غرب ليبيا الى قاعدة عسكرية بحرية تركية لرسو السفن الحربية التركية وتأمين الدعم اللوجستي والفني لها.
وميناء الخمس هو أحد أكبر موانئ ليبيا، وهو يسهل عملية نقل البضائع والتجارة الخارجية، وتبلغ طاقته الاستيعابية مليون طن من الحاويات سنوياً، في حين يتمتع الميناء بأهمية استراتيجية نظرا لموقعه المتميز شمال غربي ليبيا، وتقدر مساحته بـ249 هكتاراً، ويبعد 120 كيلو متر شرق العاصمة طرابلس. كما يتميز بسهولة الربط بالطريق الساحلي العام الخمس – طرابلس.
وقد علق محللون سياسيون على الأمر قائلين : “إذا صحت التسريبات فإن إنشاء قاعدة عسكرية تركية جديدة في ليبيا على البحر المتوسط يعزز دورها في البلاد ويقوم بتأمين أسطولها البحري لتنفيذ مهامه الإستراتيجية وحماية مصالح أنقرة”.
وأضافوا : “يتوسع التعاون بين تركيا وليبيا على مدار سنوات، بعدما تم توقيع اتفاق بحري لإعادة ترسيم حدود المياه الإقليمية في البحر المتوسط، كما أن التوقيع على عدة إتفاقات عسكرية بين الطرفين جعل الأتراك يحظون بقوة عسكرية مهمة في غربي البلاد”.
وإستكملوا : “إن حاجة الأتراك لميناء بحري الى جانب إستخدامهم لقاعدة مصراتة العسكرية الجوية يحقق لهم فعالية أكبر في الحركة وبالتالي في التأثير والسيطرة”.
إلا أنهم أشاروا الى أن التوسع التركي المتدرج في البلاد يأتي في وقت يطالب فيه الليبيون بسحب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا سواءً التركية أو غيرها، الى جانب المناشدات العدة لبعثة الأمم المتحدة بإخراج القوات الأجنبية من ليبيا لتفعيل المسار الإنتخابي وإنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.
وقد سبق وأن أثارت أنباء حول تأجير ميناء الخمس البحري لصالح الحكومة التركية، الكثير من الجدل رغم نفي حكومة الوحدة هذه الأخبار. وخرجت مظاهرات حينها ترفض استخدام تركيا للميناء، كما خرجت قوة عسكرية مجهولة أدانت ما وصفته نية الاحتلال التركي السيطرة على الميناء واستخدامه عسكريا.
كما أن الباحث التركي في العلاقات الدولية، مهند حافظ أوغلو، أكد العام الماضي في تصريح صحفي أن “هناك عدة اتفاقيات بين تركيا وحكومة الوحدة الليبية تشمل الجانب الاستثماري والأمني”. مشيراً إلى أن “الاتفاقيات التركية مع الحكومة الليبية تشمل استئجار ميناء الخمس البحري لمدة طويلة وتدريب القوات العسكرية الليبية”.
ويُشار الى أن مدينة الخمس تعتمد في اقتصادها بشكل رئيسي على ميناء الخمس، وترسو معظم السفن التجارية القادمة الى ليبيا فيه.
وبنظر المراقبين، فإن عملية إحتكار الميناء لأهداف عسكرية سيفاقم الأزمة الإقتصادية ويهدد بنشوب إحتجاجات شعبية مجدداً .
تقرير عن المركز الأوربي لدراسات الشرق الأوسط.