تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
في بلادنا تتجاهل المواهب المميزة وتُحارب، ويغيب عنها الدعم والاهتمام اللازمين، وفي المقابل تُسخر كافة الإمكانات المادية والبشرية وتُسهل كافة الإجراءات لألعاب ورياضات كنا ولا زلنا نجر فيها أذيال الهزيمة والخيبات، ليس اليوم بل منذ أزمنة غابرة.
ما جعلني أكتب هذه الكلمات وأتوجه باللوم لمن يعنيهم الأمر، هو الواعز الوطني بالدرجة الأولى والحسرة تملأ قلباً متيماً برؤية بلده بأفضل حال خصوصا في الرياضة التي هي لغة التعريف بالشعوب في شتى بقاع الأرض.
ما حدث من تهميش واضح وفاضح يجعل من الأقلام تسيل ومن الأصوات تتحرك باتجاه المناداة بحقوق أولئك المظلومين المقهورين، الذين لم يجدوا القدر الكافي من حقوقهم ولو إعلامياً.
قبل فترة وجيزة حقق الرباع الدولي أحمد أبو زريبة الإنجاز وكتب التفوق وعانق الذهب في سماء نيروبي بالبطولة الأفريقية المؤهلة لأولمبياد طوكيو صيف هذا العام، إنجاز قُوبل بالتهميش ولا شيء سواه، ثم نسأل أنفسنا بعد فترة أين ضاعت هذه المواهب وأين اختفت ولماذا لم تواصل مسيرة الألق والعطاء؟
أبو زريبة ذو العشرين ربيعاً ورغم تأثر الحركة الرياضية في ليبيا بتفشي وانتشار فايروس كورونا وتعذر إقامة الأنشطة والبطولات الرسمية والودية، إلا أنه ظل ملازماً للتمارين والتحضيرات التي أخذت منحنا تصاعدي مع المدرب الوطني “خليل شنينة”، وبجدية وتفانٍ كبيرين، حارصاً على كتابة المجد والتفوق والاستمرار رغم المصاعب والعراقيل وانعدام سبل الدعم.
غادر أحمد أرض الوطن متجهاً لتركيا التي احتضنت تدريباته بشكل مكثف تأهبا للحدث الأفريقي الكبير، ومع توالي الأيام وارتفاع نسق التمارين بدا أحمد واثقاً من نفس مؤمناً بقدراته وعلى قدر المسؤولية الملقاة عليه.
عندما حان وقت الاختبار نجح أحمد بدرجة الامتياز ورفع راية الوطن في سماء أفريقيا رغماً عن الظروف الصعبة والتحضيرات البدنية القاسية والمرهقة، مُرسلاً رسالة للجميع مفادها؛ ها أنا أتوشّح بالمعدن النفيس وأخرج منتصراً على كافة المعوقات وأهدي بلدي مكانة مرموقة على مستوى القارة.
عاد أحمد إلى ليبيا للتحضير لما هو آت من استحقاقات ومنافسات، فاستُقبل من الجماهير والمتابعين والأصدقاء استقبال الأبطال في المطار، وداخل أروقة ناديه الأم نادي السويحلي، وكرم من المحبين والمتابعين المحفزين لمسيرة أي نجم.
ما لم يستصغه عقلي ولم أتقبله؛ كيف لم يمنح هذا الرياضي القدر الكافي من الدعم والاهتمام والإشادة من أهل الاختصاص، كيف لم يفي أهل الرياضة ومن يقررون مصيرها بما وعدوه لهذا الرياضي؟ هل هو الهروب من المسؤولية أم عدم قناعة المسؤول بالألعاب الفردية وبمُنجز هؤلاء الأبطال؟ كيف يتحججون بقلة الموارد المالية؟ وأبو زريبة لا يريد إلا القليل من ملايين تُصرف لمن لا يستحقها، وتذهب هباءً منثوراً على ألعاب لم تجلب لنا إلا الإخفاق والهزائم المتتالية والفضائح أيضاً.
حتى يُعرف سبب التهميش وغياب الدعم، لم يركن البطل أحمد إلى الجلوس وانتظار مصيره المجهول، ولم يجعل للإحباط أن يتسلل إليه، بل سرعان ما باشر تدريباته من منطلق حبه للرياضة وأملاً في حصد المزيد من النجاحات وليكون واجهة البلاد وخير سفير لها في مختلف الأحداث الأفريقية والدولية.
أبو زريبة نموذج وطني حي متفوق متألق وسيكون أحد سفراء الوطن، لو وجد أذاناً صاغية ونفوساً محبة للرياضة يقودها الواجب الوطني والواعز الأخلاقي ولا شيء سواه.
الصحفي الرياضي .. عبد اللطيف السكير