تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
كان الآف الانفصاليين في ساحة الكيش بمدينة بنغازي؛ ينتظرون إعلان “خليفة حفتر” عزل إقليمي “برقة” و”فزان” وإدارة شؤونهما بشكل منفصل عن المنطقة الغربية وبالأخص عن مدينة طرابلس.
خطوة يقول مراقبون؛ إنها لن تخدم الانفصاليين الذين يرون أن في العزلةِ خدمةً لمصالحهم واسترجاعا لحقوقهم المنهوبة بحسب وصفهم.
ومع ساعات الانتظار التي طالت بساحة الكيش؛ دمر “خليفة حفتر” حُلم الانفصاليين؛ بتراجعه عن إعلان إدارة الإقليمين بمعزل عن طرابلس؛ ليُبدل خطابه المنتظر بقوله “وحدة ليبيا خط أحمر؛ ولا تزال واحدة لا تتجزأ”.
ومع مشاهد صمت وصدمة الانفصاليين من تراجع إعلان الانفصال المزعوم؛ تابع حفتر في كلمته أنه يعطي “فرصة أخيرة” من أجل وضع خارطة طريق تفضي إلى إجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية في البلاد؛ قائلا إن قيادته كانت أولى الجهات التي نادت بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة؛ متناسيًا بذلك وقوفه حجرة عثرة أمام محطات إنجاح الحلول السياسية وتدخله في سياسات تواصل مجلس النواب مع مجلس الدولة.
لماذا تراجع “حفتر” عن إعلان الانفصال؟
“خليفة حفتر” كان قد هدد في آخر خطاب رسمي له في مدينة “أجدابيا” باتخاذ إجراءات مؤلمة بإدارة شؤونهم وإدارة مؤسساتهم ورسم خارطة طريقهم بمعزل عن العاصمة طرابلس؛ مؤكدا أن موقف قواته لن يكون حينئذٍ إلا داعماً وحامياً لهم.
الأمر الذي جعل الكثيرين من الأوساط السياسية والإعلامية والمتابعين للشأن المحلي يتسائلون عن أسباب تراجع “خليفة حفتر” في خطابه ببنغازي؛ إعلان عزل “برقة” و”فزان” وإدارتهما بشكل منفصل؛ وما إذا كان “حفتر” قد تلقى رسالة دولية أمرته بالتراجع عن نبرته الانفصالية وحذرته من تكرار سيناريو مايو 2014 عندما أعلن تجميد عمل المؤتمر الوطني العام والإعلان الدستوري؛ وأقحم المؤسسة العسكرية حينها في أتون الصراعات السياسية.
يقول الناشط السياسي “إبراهيم بلقاسم” في تغريدة له على موقع تويتر؛ إن “حفتر” غيّر كلمته قبل ساعات من إلقائها؛ وتحديدا بعد وصول طائرة تقل وفدا أجنبيا إلى مدينة بنغازي؛ ما يعزز سيناريو أن “حفتر” قد تلقى رسالة تحذيرية من دولة ما؛ حذرته من خطوة الانفصال التي لا تتماشى مع رؤية الدول الأربع الكبرى باستخدام آليات بديلة في حال عدم حصول توافق بين مجلسي النواب والدولة على خارطة طريق نحو الانتخابات.
ما هي “فرصة” حفتر ؟
إعلان حفتر “الفرصة الأخيرة” جاء بعد يومٍ واحد من تراجع “مجلس النواب” عن قانون أصدره في وقت سابق يقضي بإنشاء محكمة دستورية في بنغازي بدلاً عن الدائرة الدستورية بطرابلس؛ وهو القانون الذي تسبب في تعليق مفاوضات حل الأزمة بين مجلسي النواب والدولة.
وتعليقا على خطاب “خليفة حفتر”؛ كشف عضو مجلس النواب “عبد المنعم العرفي” لـــ”منصة ليبيا بانوراما” أن هناك لقاء مرتقبا بإشراف المبعوث الأممي إلى ليبيا “عبد الله باثيلي” سيجمع رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح” ورئيس مجلس الدولة “خالد المشري” بداية شهر يناير المقبل؛ من أجل استكمال المشاورات بين المجلسين من حيث توقفت؛ متوقعا حدوث تقدم في حل النقاط الخلافية بالقاعدة الدستورية بين الطرفين؛ للذهاب مباشرة نحو إجراء الانتخابات العامة بقيادة حكومة جديدة موحدة قادرة على تنفيذها في كامل ربوع ليبيا.
ومن أبرز النقاط الخلافية بالقاعدة الدستورية بين المجلسين؛ السماح لمزدوجي الجنسية؛ والعسكريين بالترشح للانتخابات العامة.
وتابع عضو “مجلس النواب” في معرض تعليقه على “فرصة حفتر” أنها لا بد أن تكون في إطار توحيد “المؤسسة العسكرية” ضمن عمل اللجنة العسكرية 5+5؛ والعمل على إخراج كافة القوات الأجنبية من كافة ربوع البلاد؛ شرقا وغربا وجنوبا دون استثناء؛ لضمان مسار أمني قادر على إجراء الانتخابات في كامل التراب الليبي دون أي تهديدات أمنية.
وعلى نهج “ساعات الصفر” المتكررة التي أطلقها فيما سبق “خليفة حفتر”؛ تأتي “الفرصة الأخيرة” في خطاباته السابقة؛ كان آخرها في مدينة “أجدابيا” يقول الناشط السياسي “محمد محفوظ” لـــ “منصة ليبيا بانوراما”؛ في إفلاس واضح من كافة الحلول التي تجعله متصدرا للمشهد الليبي.
وتابع “محفوظ” أن حفتر يريد فقط من كلمته لفت نظر البعثة الأممية؛ خاصة وأنها تدعم مسار الحل السياسي الذي يتبعه كل من رئيسي مجلسي النواب والدولة؛ الأمر الذي يتخوف منه “حفتر”؛ حيث أن اتفاق الطرفين على استبعاد ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للانتخابات القادمة؛ يجعله نهائيا خارج سباق الانتخابات.
وفيما سبق أعلن “حفتر” تمسّكه بالترشح للانتخابات الرئاسية ورفضه أي قاعدة دستورية تمنع العسكريين من الترشح للانتخابات.
ظاهريا، تتحدد ملامح الأزمة السياسية في ليبيا على أنها تدور حول خلافات بشأن الدستور النهائي للبلاد وقواعد الانتخابات المستقبلية وتقسيم الثروة على المناطق المختلفة وشكل الحكومة الانتقالية.
لكن الكثير من الليبيين لديهم شكوك في أنه لا يوجد طرف لديه اهتمام يُذكر بحل طويل الأمد للمشكلة، بالرغم من مظاهر تأييد الانتخابات التي تجهر بها تلك الأطراف، لأن كلها مستفيدة من الفوضى الراهنة.
وقد تذهب الانتخابات العامة بكثير من القوى السياسية المتناحرة التي سيطرت على ليبيا على مر سنوات من الانقسام المؤسسي والحرب الشاملة والسلام المتقلقل.