تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
تقرير المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية
تدهورت العلاقات بين تركيا ومصر في أعقاب استيلاء الجيش على السلطة في مصر، وانقسام كل من الدولتين حول ما يتعلق باستكشافات الغاز في البحر المتوسط، وغيرها من القضايا الإقليمية التي ساهمت في تدهورها بشكل أكبر، ولكن التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا دفعت بالدولتين للدخول في حقبة جديدة من العلاقات والأهداف المشتركة، التي تنصب في المقام الأول في مواجهة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اللتَيْن تهددان الأمن القومي لكل من مصر وتركيا.
حيث تحولت تركيا من مبدأ تعزيز الديمقراطية إلى سياسة عدم التدخل في الشؤون الإقليمية، وفي الوقت نفسه، تطورت السياسة الخارجية المصرية بعد العدوان الإسرائيلي على غزة وتأثرت بالحرب والأزمة السياسية العميقة في ليبيا، حيث أدركت الدولتان التأثير السلبي لعدم الاستقرار في الدول المجاورة مثلما يحدث في ليبيا، بحسب خبراء سياسيين أتراك.
وأشاروا أن الفراغ في السلطة في ليبيا دفع تركيا ومصر للسعي إلى تعاون أوثق، حيث تبحث تركيا على سبيل المثال عن دعم مصر فيما يتعلق بليبيا، بينما على الصعيد المصري اتضح بأن التحالفات في مجال الطاقة الذي دخلت فيه مصر مع الكيان الصهيوني واليونان والقبارصة اليونانيين لم يمنع كارثة مثل التي ضربت قطاع غزة.
وأكدوا بأن كِلا البلدَيْن يواجهان تحديات تورّط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو الوضع الذي بدأت الحكومة المصرية للتوّ في “فهمه” بحسب رأيهم كما تهدد المؤامرات الأجنبية الواضحة التي زعزعت استقرار ليبيا ومصر وتركيا، ما يؤكد الحاجة إلى تعاونهما للحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وأضافوا أن الفراغ في السلطة الذي خلفته الحرب الأهلية في ليبيا تم خلقه من خلال المؤامرات الأجنبية الواضحة وأن هذه المؤامرات تعمل في الواقع على زعزعة استقرار مصر وتركيا، وفي هذا الصدد تحتاج كل منهما إلى الأخرى للسيطرة على أي تصعيد للتوتر بين الأطراف المتحاربة في ليبيا،إنهما تحتاجان إلى أن تكون محاور امتداد أمنهما الإقليمي مستقرة، حتى تكون الحدود أكثر أماناً ولمنع أي توغل (أو تسرّب) إلى بلديهما”.
وكانت مصر وتركيا قد أكدتا تطابق موقفهما بشأن القضايا الإقليمية، خلال زيارة تاريخية أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة التركية أنقرة، مطلع شهر سبتمبر الماضي، لفت خلالها الرئيس المصري إلى أنه تم “تبادل وجهات النظر حول الأزمة الليبية”، قائلاً: “التشاور بين مؤسساتنا لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا، مع تأكيد أهمية طيّ صفحة تلك الأزمة الممتدة، من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتزامن، وخروج القوات الأجنبية غير المشروعة والمرتزقة من البلاد، وإنهاء ظاهرة المليشيات المسلحة حتى يتسنى لليبيا الشقيقة إنهاء مظاهر الانقسام، وتحقيق الأمن والاستقرار”.
وفي السياق، قال خبراء بالشأن الليبي إن تعميق العلاقات التركية المصرية، من شأنه أن يشكل رادعًا لجملة من الخطط الأمريكية في المنطقة، وتحديدًا في ليبيا، التي تعاني منذ سنوات من الانقسام السياسي والحروب، التي تسببت بها الحكومات الغربية وأمريكا، المهتمة بثروات الليبيين، مشيرين إلى أن واشنطن قامت بإحداث “فوضى خلاقة” في ليبيا، تستطيع من خلالها الضرب في جميع المسارات السياسية بعرض الحائط، إلى حين وصول نخبة سياسية موالية لها إلى السلطة، وهذا ما ستعمل على إنهائه كل من مصر وتركيا في المستقبل القريب.
وحذروا من خطر الكيان الصهيوني المتمثل في خطته لتحويل ليبيا الى قاعدة لانطلاق الإرهاب والأعمال المسلحة ضد مصر، بسبب موقفها الرافض والصارم تجاه تحويل سيناء إلى منطقة لجوء للفلسطينيين من قطاع غزة الذي تحاول إسرائيل إخلاءه منذ ما يقارب العام تقريباً.
فإنه وبالإضافة الى ضرورة مواجهة المصالح الأمريكية في المنطقة من قبل الدولتين لابد من التصدي الى خطر الكيان الصهيوني الذي يهدف الى تفريغ المنطقة من شعوبها.