تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
بعد أن كان أحد رجال الدولة الأقوياء.. قرّر رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، بالتعاون مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، التخلي عن محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، منتصف شهر أغسطس الماضي، في حركة مفاجئة ألقت بتداعياتها على المشهد في ليبيا، ولكن لم يكتفِ الدبيبة بمحافظ المصرف المركزي وحسب، بل يتجه لتنحية رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة بحسب آخر الأنباء.
حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، على وجه الخصوص، شائعات مفادها أن بن قدارة قدم كتاب استقالته إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، رغم عدم وجود تأكيد رسمي حتى اللحظة من الجهات المختصة، لكن مصادر أخرى أوضحت أن رئيس مؤسسة النفط يواجه مصاعب صحية، الأمر الذي من شأنه أن يجعل بقاءه في المنصب غير مستدام، بينما أكد نشطاء ومراقبون أن هذه الشائعات تنشرها مواقع وحسابات مزيفة ووهمية غير محددة المصادر.
وعلى صعيد آخر تحدث معهد الدراسات والأبحاث السياسية المغربي “رؤية” في تقرير عن مستجدات الوضع السياسي في ليبيا بعد تغيير محافظ المصرف المركزي، الذي انصب لصالح الدبيبة في المقام الأول، خصوصًا بعد أن اتجه المحافظ المقال لدعم الشرق الليبي في العديد من القضايا ورفض تمرير العديد من أجندات رئيس الحكومة المتعلقة بالصرف والميزانية.
وذكر معهد الدراسات المغربي أن رئيس الحكومة في طرابلس يمضي في خطة يسعى من خلالها للانفراد بالمؤسسات السيادية في ليبيا، ويدعمه في ذلك حلفاؤة الغربيون، موضحًا في تقريره أن الدبيبة نجح في إقالة الصديق الكبير بالقوة، الأمر الذي لم يلق السخط والتنديد المعتادين من قبل الدول الغربية كالولايات المتحدة الأمريكية، والآن يسير نحو إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، المؤيد للشرق.
وأوضح معهد “رؤية” في تقريره أن الشرق الليبي، سيواجه صعوبات كبيرة إذا ما نصب الدبيبة شخصية جديدة في رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، خصوصًا وأن بن قدارة استطاع وبصعوبة التوفيق بين طلبات المعسكرين الشرقي والغربي، وشكّل حاجزًا حياديًا بين المعسكرين المتصارعين في ليبيا.
وأضاف المعهد أن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط قام بتعيين عدد من الشخصيات في مناصب مختلفة في قطاع النفط، موالين للشرق، فعلى سبيل المثال أعاد بن قدارة تشكيل مجلس إدارة شركة البريقة لتسويق النفط في 7 مايو الماضي، واستبدل رئيسه السابق إبراهيم بوبريدعة بفؤاد بالرحيم الذي لديه علاقات وثيقة بالشرق الليبي.
وختم معهد الدراسات في تقريره بالحديث عن الدور الغربي فيما يتعلق بمساس الدبيبة بالمناصب السيادية، مشيرًا إلى أن دول كإيطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لا تمانع تمكين الدبيبة في السلطة، واستبدال بن قدارة بشخصية أخرى، طالما الإمدادات النفطية من ليبيا مستمرة.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تعيين فرحات بن قدارة، رئيسًا للمؤسسة الوطنية للنفط في يوليو 2022 بفضل اتفاق بين ممثلي عبد الحميد الدبيبة وقائد قوات الكرامة خليفة حفتر، بهدف استئناف إنتاج النفط، بعد طلبات لاستبدال الرئيس السابق للمؤسسة النفطية، مصطفى صنع الله.
ويذكر أن القرار الأحادي للمجلس الرئاسي المدعوم من حكومة الدبيبة، بإقالة محافظ المصرف المركزي، كاد أن يتسبب بأزمة اقتصادية ضخمة، بعد وصول سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار لمستويات قياسية، وبعد أن تسببت الإغلاقات النفطية الاحتجاجية بتراجع الإيرادات وتحول جزء من المستوردين إلى بلدان أخرى لإيجاد طلبها في قطاع الطاقة، وإقالة بن قدارة لن تكون تداعياتها أقل وطأة على الوضع السياسي والاقتصادي والمعيشي لليبيا كون منصبه سياديا ومتفقا عليه من قبل الأطراف المتصارعة.
عبدالرحيم التجوري
كاتب بالمعهد الأوربي للدراسات السياسية والإستراتيجية