تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
الكاتب.. عبد الرحيم التجوري
الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
إن حالة الانقسام الداخلي الذي تعيشه ليبيا، فتحت باباً واسعاً لتغوّل قوى دولية في شؤونها الداخلية وفرض أجندات تعارض مصالح البلاد وتزيد من تأزم الوضع المتأزم أصلاً منذ أكثر من عقد من الزمن.
وبحسب آراء السياسيين والأكاديميين، فإن الولايات المتحدة تأتي في مقدمة هذه الأطراف، والغرب بشكل عام يسعى لتطوير وجود قوات مشتركة في ليبيا تتكون من الجيش للحفاظ على النفوذ.
وبعدما كانت تركيا تحتل المرتبة الأولى من ناحية التواجد العسكري في العاصمة طرابلس، انضمت الولايات المتحدة الأمريكية عبر شركة “أمنتوم” العسكرية الخاصة، لتتواجد أيضاً في العاصمة ومناطق الغرب الليبي.
فيما كشفت مصادر مطلعة عن إنشاء تشكيل عسكري جديد في ليبيا بدعم أوروبي بعد موافقة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.
والفيلق الجديد يتكون من 6 تشكيلات مسلحة تابعة لداخلية ودفاع حكومة الدبيبة، أبرزها اللواء 444 قتال، وهذا التشكيل يضم عناصر مسلحة ليبية من الميليشيات والعسكريين النظاميين.
كما أن المصادر كشفت أنه في سياق عمل القوة المشتركة ستدعم إيطاليا نشر تلك القوات على كافة الأراضي الليبية لحماية المنشآت النفطية خاصة تلك التي ترغب إيطاليا في تطويرها بناء على الاتفاقيات الأخيرة الموقعة بين حكومتي الدبيبة وإيطاليا.
ففي السياق، كشف موقع “فلايت رادار” قبل أيام عن وصول طائرة شحن إيطالية إلى قاعدة مصراتة الجوية العسكرية، دون ظهور أي تعليقات رسمية من قبل حكومة الدبيبة.
والهدف من تشكيل القوات المشتركة، هو مساعدة ليبيا في تسريع الحل السياسي المنشود، إلا أن هدفه غير المعلن، بحسب المصادر، هو مواجهة المد الروسي في ليبيا وإفريقيا المتمثل بالفيلق الإفريقي.
حيث كانت روسيا قد كشفت سابقاً عن إنشائها قوة جديدة تحمل اسم الفيلق الإفريقي بدأت في نشرها في كل من بوركينا فاسو والنيجر وليبيا بقوام يفوق 10 آلاف جندي.
وبحسب الخبراء في الشأن الإفريقي، فإن التواجد الروسي في الشرق الليبي ودول إفريقية عديدة يشكل خطرًا إستراتيجيًا على خطط أوروبا في السيطرة على موارد تلك الدول.
إضافة إلى الخطر المتمثل في تهديد تلك الدول خصوصاً بعدما هددت روسيا بتسليح الأنظمة والدول المناهضة للغرب القريبة من حدود الدول الغربية، على خلفية تصعيد حلف الناتو للمواجهة في أوكرانيا بدلاً من القبول بالحل السياسي.
مما جعل كلًا من إيطاليا وفرنسا على رأس الدول الأوروبية، تعملان بنشاط للتصدي بشكل أو بآخر لهذه التهديدات الجديدة، خصوصًا بعد زيارة السفن الروسية الأخيرة إلى ميناء طبرق في الشرق الليبي.
وعلق باحثون على الانتشار العسكري للقوات الأجنبية في ليبيا والآخذ بالتنامي قائلين : “هناك صراع عالمي بين محوري الشرق الآخذ بالتنامي والغرب العجوز المتعجرف، وقد تتحول ليبيا إلى إحدى ساحاته”.
وأضافوا: “لا شك أن روسيا كانت عاملاً من عوامل القلق الأوروبي حيال التدخل، لكن العامل الرئيسي يكمن في أن الأوروبيين بدأوا ينافسون الأمريكيين في بسط النفوذ والسيطرة على الموارد القريبة منها وفي إفريقيا بشكل خاص”.
وأشاروا إلى أن الأوروبيين الآن في مأزق اقتصادي حقيقي نظراً لقطعهم موارد النفط والغاز الرخيصة من روسيا وهيمنة الأمريكيين على هذا القطاع وتلبيتهم الخجولة لحاجات القارة العجوز من الطاقة بأسعار خيالية.
واعتبر كثير من المراقبين أن تحركات القوى العسكرية على الأرض باتت تشكل ورقة ضغط قوية على الساحة السياسية، وأداة من أدوات السيطرة على ليبيا ومقدراتها النفطية.