تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
في سياق التجاذبات الإستراتيجية والتنافس على مواقع النفوذ ضمن الخارطة الجيوسياسية، شهدت ليبيا تزايدًا في حدة التدخلات الخارجية العام الماضي، مع دخول شركة أمنية خاصة على الساحة من جهة، وتشكيل فيلق برعاية غربية من جهة أخرى، ما زاد من تعقيدات الوضع السياسي والأمني في البلاد، ويزيد من صعوبة الوصول إلى تسوية سياسية تنهي الازمة التي تعاني منها منذ 2011.
حيث كشف تقرير مجلس الأمن حول ليبيا السنوي المؤرخ بتاريخ 6 ديسمبر 2024 عن كم الجهات الأجنبية المتواجدة داخل الأراضي الليبية والمشاركة في تدريب الجماعات المسلحة في جميع ربوع البلاد ودورهم الهدام في إبقاء الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في حالة تدهور حتى يومنا هذا.
وجاء في التقرير معلومات عن شركة “أمينتوم” العسكرية الامريكية الخاصة التي تعمل على تدريب الميليشيات المسلحة داخل الأراضي الليبية، واعتبر أول تقرير رسمي يلقي الضوء على هذه الشركة التي تداولت أسمها وسائل الأعلام والناشطين على مواقع التواصل اجتماعي لأشهر طويلة دون أي رد فعل من قبل حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي والمجتمع الدولي المعني بالملف الليبي.
ووفقاً لتحريات فريق الخبراء الذي ساهم في اعداد تقرير الأمم المتحدة، تبين أن شركة “أمينتوم” الأمريكية العسكرية الخاصة، قدمت دورات تدريبية لأطراف ليبية مسلحة داخل ليبيا وخارجها. ورداً على استفسار من الفريق، ذكرت شركة “أمينتوم” أنها قامت بتدريب جهات أمنية ليبية محتملة خارج ليبيا بموجب العقود المبرمة مع حكومة الولايات المتحدة.
وعلى خلاف ادعاء الولايات المتحدة الأمريكية وشركة “أمينتوم” عن عدم وجود أي سجل يفيد بقيام الشركة العسكرية الخاصة بأي أعمال في ليبيا أو بإشراك جهات أمنية ليبية، ثبت للفريق أن شركة “أمينتوم” على العكس، قدمت تدريبات لمجموعات مسلحة في غرب البلاد في مطلع عام 2024 ونشرت 400 عنصر على أقل تقدير داخل البلاد.
بينما على صعيد آخر، تتواصل التكهنات حول الفيلق الأوروبي – الليبي، الذي تم تشكيله بذريعة تأمين الحدود والحد من الهجرة غير الشرعية في ظاهره، ولكن الهدف الرئيسي منه بحسب المراقبين، والنشطاء المحليين، تأمين عمل شركات النفط الإيطالية، وحماية المصالح الأوروبية في ليبيا، مستغلين بذلك الفوضى الأمنية والانقسامات السياسية داخل البلاد لتمرير مشروعهم العسكري، لاسيما وأن تمويل الفيلق بحسب التقارير الصحفية ينبع من الأموال الليبية المجمدة في الخارج بما يتعارض مع الأعراف والقوانين المتبعة فيما يخص هذا الملف.
ويتزايد منسوب القلق بين المراقبين والمحللين السياسيين من ارتدادات الأوضاع الإقليمية أمنيا وعسكريا على المشهد الليبي، فضلا على تفاقم التدخلات الخارجية في البلد المنقسم منذ سنوات، ووصولها إلى حد التدخل على الأرض، وسط ضعف النخبة السياسية في ليبيا، التي قد يفرض عليها أجندات معينة من قبل الدول التي تمتلك أوراق الفصل على الأرض، سواءً كان ذلك فيلق يتحكم به مستشارون غربيون أو شركة عسكرية خاصة تفرض قوتها بناءً على مطالب الدولة الراعية لها.
وبهذا الصدد أشار المحلل السياسي الليبي محمد الفيتوري إلى أنه وفيما يتدعّم الحضور الغربي في ليبيا، تزداد المخاوف من أن يصبح بلده الواقع في شمال أفريقيا ساحة تقاسم غنائم بين هذه الدول، مؤكدا أن هناك مخاوف ولا يمكن أن يرضى المعسكر في الشرق أو في الغرب الليبي أن تكون ليبيا ساحة دولية تتقاطع فيها مصالح الدول الصغيرة والكبيرة.
المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا