الانتقال من سوريا إلى ليبيا… بحث عن قواعد أم مخطط لدحر الإرهاب؟

على الرغم من الأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بقيادة سوريا التي نجح شعبها من أن يُطيح بحكم عائلة الأسد الذي دام لأكثر من خمسين عام في 8 من ديسمبر الجاري، وتولي هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع “الجولاني” زمام الأمور في البلاد للمضي قدماً نحو تحقيق مطالب الشعب السوري والنهوض بالاقتصاد والأمن والاستقرار، إلا أن الأنظار متوجهة نحو مصير القواعد الروسية في سوريا وأنباء نقلها إلى شرق ليبيا في الشمال الإفريقي.

فبحسب التقرير الذي أعده بينوا فوكون ولارا سيلغمان ونشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” أكدا فيه أن روسيا سحبت انظمة دفاع جوية وأسلحة متقدمة من سوريا ونقلتها إلى ليبيا.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وليبيين قولهم إن روسيا تسحب أنظمة دفاع جوي متقدمة وأسلحة متطورة أخرى من قواعد في سوريا وتنقلها إلى ليبيا، في وقت تحاول فيه موسكو جاهدة للحفاظ على وجود عسكري في الشرق الأوسط بعد انهيار نظام الأسد في دمشق.

وقال المسؤولون إن طائرات الشحن الروسية نقلت معدات دفاع جوي، بما في ذلك رادارات لأنظمة إس-400 وإس-300، من سوريا إلى قواعد في شرق ليبيا يسيطر عليها حليف موسكو في ليبيا قائد قوات الكرامة خليفة حفتر ، ونقلت روسيا قوات وطائرات عسكرية وأسلحة من سوريا في تخفيض كبير لوجودها هناك.

هذا التحرك أثار مخاوف دول التي تسعى إلى تحويل ليبيا مقراً لقواعدهم العسكرية من جهة ومصدر لاستيراد النفط من الأراضي الليبية ذات الاحتياطي الأكبر من الذهب الأسود، وقالت الصحف الغربية أن انسحاب روسيا من سوريا والانتقال إلى شرق ليبيا سببه سقوط حكم عائلة الأسد وخسارة موسكو لنفوذها، لكن سرعان ما جاء الرد من الكرملين حول أسباب الانسحاب.

ففي كلمته يوم الخميس الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا حققت أهدافها في سوريا وتمكنت من دحر الإرهاب والجماعات المسلحة في البلاد واليوم ستبدأ مرحلة جديدة في مجال التعاون مع القيادة السورية الجديدة وسيتم تسخير قاعدتي حميميم وطرطوس السوريتين في الوقت الراهن لإيصال الدعم الإنساني للبلاد.

المخاوف الغربية من تواجد روسيا في شرق ليبيا يتزايد يوماً بعد يوم، لاسيما لدى دول القارة العجوز التي تسعى في الوقت الراهن لتوسيع نفوذها في ليبيا بهدف نهب ثروات الشعب الليبي من الغاز والنفط، وهو السبب وراء الهجوم العنيف والتنديد بفكرة إنشاء قواعد عسكرية روسية في البلاد.

وفي هذا السياق جاء التنديد على لسان حليف الغرب في ليبيا، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، خلال منتدى الاتصال الحكومي في طرابلس، حيث قال إن حكومته ترفض تماماً أن تأتي أي قوة اجنبية بهدف فرض سلطتها وهيمنتها على البلاد ولن يتم التعامل معها بتاتاً. وأضاف الدبيبة أنه تواصل مع الجهات الروسية للتأكد من هذه المزاعم، حسب وصفه، وأسباب تواجد القوات الروسية في شرق البلاد.

على صعيدٍ أخر فإن تحركات روسيا ونقل عتادها العسكري يهدف بحسب الخبراء والمراقبين للمشهد السياسي والأمني لمكافحة الإرهاب في منطقتي الساحل وشمال إفريقيا، وهذا المشروع ليس بجديد ولا علاقة له بصورة كبيرة بالتطورات الأخيرة في سوريا.

ففي أواخر نوفمبر العام الجاري ودعماً للشراكة الأمنية والدفاعية وتطوير مستويات التعاون مع دول الساحل، أجرى ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي زيارة شملت دول تحالف الساحل، مالي والنيجر وبوركينافاسو؛ بهدف مناقشة سبل تعزيز العلاقات؛ مؤكدًا التطلع لتنفيذ مشاريع ذات الأهمية الإقليمية التي ستسهم في تحسين حياة شعوب الدول الثلاث وأهمها مكافحة تهديد الجماعات المتمردة مثل جماعة حركة أزواد وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين المصنفة إرهابياً.

وللمباشرة في تنفيذ هذه الخطة، قامت روسيا في مطلع ديسمبر بتعزيز تواجدها العسكري في شرق ليبيا بالتعاون مع المشير خليفة حفتر وتم تطوير إنشاءاتها العسكرية وزيادة أسلحتها في 3 قواعد جوية وطورت المرافق في قاعدة براك الشاطئ وجددت مهبط طائرات لتمكين الطائرات العسكرية من الهبوط فيه.

ولوضع اللمسات الأخيرة مع واحد من أهم الحلفاء الإستراتيجيين في المنطقة، وصل نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال يونس بيك يفكوروف ونائب رئيس وزارة الخارجية الروسية الممثل الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف في زيارة عمل إلى الجزائر، لمناقشة تطوير التعاون بين البلدين على الصعيد الاقتصادي ومناقشة جهود مكافحة الإرهاب.

وبالنظر إلى ما سبق يرى الباحث السياسي والخبير الإستراتيجي، أحمد خلدون، ان تطور الأحداث السريع في منطقة الشرق الأوسط سرعان ما سلط الضوء على مخاوف دول الغرب من القوى الروسية في جميع أنحاء العالم وإنتقل إلى شمال أفريقيا ودول الساحل، وإذا إستمر الأمر بهذه الوتيرة فستنجح روسيا في دحر الإرهاب الناتج عن الغرب في القارة السمراء وإفشال أي خطط غربية في إفريقيا.

المركز الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية.

Read Previous

النيابة العامة: تورط مدير سابق في الاستيلاء على 7.1 مليون دينار من مصرف الجمهورية – الحرشة

Read Next

اللافي يؤكد دعم مبادرة البعثة الأممية لتحريك الجمود السياسي في ليبيا