ارتباط حفتر بالفيلق الإفريقي تهديد أمني واقتصادي للدولة الليبية

مع تجدد الآمال في حلحلة الأزمة الليبية بجهود الدول الصديقة والبعثة الأممية الجديدة إلى البلاد بقيادة ستيفاني خوري، بعدما فشلت جميع المحاولات السابقة، لا يزال طموح بعض أطراف الصراع السياسي وارتباطهم بأجندات خارجية فاسدة حجر عثرة أمام الحل.

ويرى مراقبون أن تعاون خليفة حفتر في الشرق مع الفيلق الإفريقي البديل لمجموعة فاغنر الروسية والتابع لوزارة الدفاع الروسية يهدد بالفعل بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات بين القوى العظمى، مما يعرض الحل السياسي في البلاد إلى خطر الزوال، ناهيك عن عمليات الفساد والنهب والسرقة للثروات الليبية في هياكل الفيلق بمشاركة حفتر ومباركته والتي تكّشف البعض منها في الآونة الأخيرة.

وتجدد الحديث في الآونة الأخيرة عن نشاط ما يسمى “الفيلق الإفريقي” في عدد من بلدان القارة الإفريقية ومنها ليبيا والسودان وتشاد ومالي والنيجر، وكانت وزارة الدفاع الروسية شكلت هذا التنظيم القتالي “الجديد – القديم” ليحل محل وحدات فاغنر التي كانت تمارس نشاطها في القارة الإفريقية.

حيث تسعى روسيا من خلاله توسيع نفوذها العسكري في القارة، ومنحه شرعية الوجود الرسمي والعلني في مواجهة الحضور الأوروبي والأمريكي.
وبحسب تقرير لموقع “الجزيرة نت” فقد تم الاتفاق بين الروس وحفتر على أن تكون ليبيا مقرا مركزيا للفيلق لأنها ذات موقع إستراتيجي يضمن خطوط الإمدادات العسكرية وتحركات العناصر التابعة للفيلق إلى الدول الإفريقية الأخرى.

وأكد التقرير، أنهم يتمركزون في قاعدة القرضابية الجوية وميناء سرت البحري، الذي يبعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، إضافة إلى قاعدة الجفرة الجوية، وقاعدة براك الشاطئ الجوية التي تبعد 700 كيلومتر جنوب طرابلس.

وفي أبريل الماضي، كشف تقرير لمنصة “ميليتري أفريكا” المعنية بالشؤون الأمنية والعسكرية في إفريقيا أن طائرات شحن روسية وصلت إلى قاعدة براك الشاطئ في ليبيا تحمل عشرات الجنود الروس، بينما وصلت سفن شحن محملة بالعتاد العسكري والأسلحة إلى ميناء طبرق.

ليشمل العتاد العسكري مركبات مدرعة خفيفة وثقيلة، ومدافع مضادة للطائرات، في حين قدر التقرير الوجود الروسي في شرق ليبيا بما يتراوح بين 2000 – 2500 جندي، بينما يضم الفيلق من 40 إلى 45 ألف مقاتل.

هذا الحراك الروسي المحموم، جاء بعد نحو 8 أشهر من زيارة وفد عسكري رفيع المستوى للمنطقة الشرقية، على رأسه نائب وزير الدفاع الروسي يونس بيك يوفغورف، الذي التقى حفتر، وبحث معه التعاون والتنسيق بين الطرفين في مجالات التدريب والتأهيل والصيانة للأسلحة والمعدات الروسية، بحسب ما نقلت وسائل إعلام حفتر، في حين تم وضع اللمسات الأخيرة لاستضافة الفيلق الإفريقي في الحقيقة، بحسب محللين.

وفي السياق، قال كاميرون هدسون، الذي شغل سابقاً منصب كبير مساعدي المبعوث الأميركي الخاص للسودان: “إن الروس في وضع توسع عدواني والولايات المتحدة تحاول فقط الحفاظ على وجودها في أفريقيا.”

تداعيات تعاون حفتر مع الفيلق

سبق وأن فشلت حملة حفتر العسكرية على طرابلس بعد مرور عام كامل من الحرب، رغم الدعم العسكري والمالي والسياسي اللامحدود الذي تلقاه من الدول الداعمة له، ومشاركة مرتزقة فاغنر القتال مع قواته، في حين قتل وأصيب المئات من المدنيين وتهجر الآلاف من مدنهم الآمنة بسبب القصف المدفعي والجوي المستمر.

ورغم المطالبات المتكررة من الفرقاء الليبيين وكذلك لجنة “5+5” العسكرية بإخراج المرتزقة الأجانب وعلى رأسهم فاغنر من بلادهم، يحاول حفتر الحفاظ على موقعه عبر إدخال المزيد من الدعم العسكري لقواته وجعل الشرق الليبي قاعدة عسكرية للفيلق الإفريقي، ولا يزال يستقبل الوفود العسكرية في السر والعلن وبشكل دائم، بينما انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً صور تجمعه مع عدد من قادة الفيلق الإفريقي وبشكل خاص مع نائب وزير الدفاع الروسي تيمور إيفانوف.

وبحسب المصادر، فإن إيفانوف، له الدور الأكبر في الاستحواذ بشكل غير مشروع على الأعمال والشركات الخاصة التابعة لفاغنر في إفريقيا وخاصة في ليبيا، بعد مقتل قائدها السابق يفغيني بريغوجين، في تحطم طائرة.

وحذر المراقبون للشأن الليبي من مخاطر الارتباط الوثيق بين حفتر وفاغنر ومن بعده الفيلق الأفريقي وقادتهم الفاسدين من ضياع الثروات الليبية وإفقار أهلها، في سبيل تحقيق طموحات شخصية لحفتر في البقاء على رأس القيادة.

وما أكد مخاوفهم، التقارير العديدة التي أعدها خبراء في الأمم المتحدة والتي كشفت أن قوات فاغنر الروسية ارتكبت الكثير من الانتهاكات بشأن حقوق الإنسان، ومارست فساداً مالياً كبيراً في ليبيا.

كما يُشار الى أنه سبق وأن كشف تقرير لمجلة “نيوز ويك” تورط مرتزقة فاغنر في عمليات تهريب الوقود الليبي، والتي تدر أرباحًا طائلة لقادتها وتعزز نفوذهم.

كما اتهم التقرير روسيا بدعم قوات حفتر في طباعة العملة من فئة 50 دينارًا بكميات كبيرة، مرجحاً أن هذه الأموال يتم تحويلها لاحقًا إلى دولارات في السوق السوداء لتمويل عمليات الفيلق في إفريقيا.

ولفتت المجلة إلى أن استيراد ليبيا لكميات كبيرة من الوقود الروسي عبر وسطاء يُثير تساؤلات حول دور المؤسسة الوطنية للنفط في هذه “الصفقات المشبوهة”، مشيراً إلى أن المؤسسة فشلت في زيادة إنتاج النفط أو تحسين البنية التحتية للقطاع رغم حصولها على ميزانية ضخمة.

Read Previous

المركزي: إيرادات ليبيـا خلال 4 أشهر بلغت 31.9 مليار دينار وإنفاقها 26 مليارا

Read Next

لاريبوبليكا: ميلوني طلبت من حفتر عدم تحويل الشرق إلى قاعدة لموسكو ووقف مغادرة المهاجرين