تبون: كنا على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس
مع تزايد الاهتمام الإعلامي بالأزمة السياسية المتواصلة التي تعيشها ليبيا، يشغل قطاع النفط الليبي واضطراباته واهتمام الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية الكبير به حيزاً من المتابعات والتحقيقات والتعليقات الصحفية، نظراً لمحورية هذا القطاع في الأزمة التي تعيشها البلاد لأكثر من عقد من الزمن.
وقد استقبل رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، مؤخرا في المقر الرئيسي للمؤسسة بطرابلس، سفير ألمانيا لدى ليبيا ميخائيل أونماخت، وبحث اللقاء سبل تعزيز وتوسيع آفاق التعاون بين الشركات الليبية والألمانية المتخصصة في مجال صناعة النفط والغاز.
وبحسب مصادر مطلعة في المؤسسة، سيصل حوالي 75 متخصصاً ومندوباً في قطاع النفط والغاز من أوروبا إلى ليبيا في الأيام المقبلة، في إطار التعاون الذي تبديه المؤسسة تجاه عمالقة النفط الغربيين بتوجيه من وزارة النفط في حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة.
وفيما سبق أشارت تقارير إعلامية بأن فرحات بن قدارة، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، أبرم العام الماضي، اتفاقية مع الشركة الأمريكية “ميركوري للشؤون العامة”، بهدف الترويج للمؤسسة وجلب الاستثمارات الأمريكية إليها، كمدخل لخصخصتها لاحقاً، عبر إحداث صندوق خاص مستقل، سيكون له صلاحية إدارة عملية الخصخصة.
إلى جانب ذلك، عدّ المحللون الاقتصاديون بأن تحركات حكومة الوحدة ومؤسستها وانفتاحهما الكبير على الدول الغربية وعلى رأسها إيطاليا من ناحية استثمار القطاع النفطي يتم في وقت تشتد فيه معاناة الليبيين، ومحذرين من مخاطر الانتقال التدريجي للاستثمارات الوطنية لقطاع النفط إلى الدول الغربية وارتفاع مستوى البطالة في البلاد التي يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على استخراج النفط والغاز خصوصاً بعد الزيارات المتبادلة والمتعاقبة لممثلي الحكومة الإيطالية وعلى رأسهم جورجيا ميلوني والدبيبة إلى طرابلس وروما والاتفاقيات الكبيرة التي تم توقيعها في إطار خطة ماتي الإيطالية لإفريقيا.
ويؤكد الخبراء أن الاستثمار في مجال الطاقة يمثل أحد أولويات إيطاليا ضمن الطموح الذي أعلنت عنه رئيسة حكومتها جورجيا ميلوني مطلع هذا العام والمتمثل في تحول بلادها إلى مركز للطاقة بالنسبة لأوروبا، مستفيدة من موقعها على شواطئ المتوسط كمدخل إلى القارة العجوز.د، وبنظر رئيس المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أرتورو فارفيلي، فإن الحرب بأوكرانيا وتداعياتها أذكت هذا الطموح الإيطالي.
وقد سبق وأن وقعت شركة “إيني” النفطية الإيطالية العديد من الاتفاقيات طويلة الأجل مع حكومة الوحدة الوطنية، في إطار برنامج التعاون الحكومي الإيطالي الذي يركز على الطاقة والمُسمى بـ”خطة ماتي” لإفريقيا، على اسم مؤسس “إيني” إنريكو ماتي، والذي يتضمن برنامجا واسعا من الاستثمارات والشراكات في قطاع الطاقة.
يُشار إلى أن الليبيين وعلى رأسهم المجلس الأعلى للدولة يعارضون الخطط الإيطالية لاستثمار حقول الغاز والنفط الليبية، فحقل الحمادة مثلاً المشمول بالاتفاقيات مؤكد احتواءه على احتياطات كبيرة جداً من الغاز والنفط والمكثفات وطرحه للاستثمار والشراكة الخارجية يشمل تنازلا من المسؤولين الليبيين عن نسبة تقارب 40% من إنتاج الحقل لصالح الشركات الأجنبية.
وفي إطار المخاطر التي تواجهها ليبيا جراء الاتفاقيات الغير محسوبة في مجال الطاقة، أكد عدد من المراقبين أن الشعب الليبي هو الخاسر الأكبر من استمرار وجود هؤلاء المسؤولين على سدة الحكم بسبب التجاوزات العميقة التي يقومون بها من أجل وهب الموارد الليبية للأجانب والاستنفاع الشخصي جراء ذلك مؤكدين أن معظم الصفقات التي تمت لم تحرص على المصلحة العليا للشعب الليبي.
كما حذروا من تنامي الوجود العسكري الأجنبي من الأمريكي إلى التركي والإيطالي في ليبيا وعلى سواحلها، والذي يهدف في البداية إلى حماية المرافق التي تمر من خلالها إمدادات الغاز وخطوط الأنابيب النفطية، ليشكل في نهاية الأمر انتدابا أجنبيا على ليبيا وحكومتها وشعبها، ويسلبها حريتها وقرارها السيادي على أرضها.
يُشار إلى أن توقيف وزير النفط والغاز في حكومة الدبيبة محمد عون في وقت سابق قد أثار جدلاً واسعاً حيث اتهم التجمع الوطني للأحزاب الليبية حكومة الدبيبة بإطاحتها بالوزير، من أجل تنفيذ اتفاقيات مرفوضة مع الإيطاليين، ومنها مفاوضات الاتفاقية الخاصة بحقل «NC7» في حوض الحمادة.
محمد صادق – الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا